مرحباً بك في هذا الدليل الشامل حول السكري من النوع الأول. سواء تم تشخيصك حديثًا أو كنت تعيش مع المرض لسنوات، أو تهتم بشخص مصاب به، فإن فهم هذا التحدي الصحي المزمن هو الخطوة الأولى نحو إدارة فعالة وحياة أفضل.
![]() |
السكري النوع الأول: دليلك الشامل للأسباب والأعراض والعلاج |
في هذا المقال سنغطي كل ما تحتاج لمعرفته حول السكري النوع الأول بدءًا من أساسياته وصولًا إلى أحدث التطورات العلاجية، معتمدين على مصادر طبية موثوقة. نهدف لتزويدك بالمعرفة والأدوات اللازمة للتعايش الإيجابي مع هذا المرض. تذكر دائمًا أن هذا المقال يقدم معلومات عامة ولا يغني عن استشارة فريق الرعاية الصحية الخاص بك.
ما هو السكري النوع الأول؟
يُعرَّف السكري من النوع الأول (Type 1 Diabetes - T1D) بأنه مرض مزمن يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج هرمون الأنسولين بكميات كافية أو يتوقف عن إنتاجه بشكل كامل. يُعد الأنسولين هرمونًا حيويًا فهو المفتاح الذي يسمح لسكر الدم (الجلوكوز) بالدخول إلى خلايا الجسم المختلفة لاستخدامه كمصدر رئيسي للطاقة اللازمة للقيام بالوظائف الحيوية.
في حالة السكري من النوع الأول يؤدي النقص الحاد أو الغياب التام للأنسولين إلى عدم قدرة الجلوكوز على دخول الخلايا، مما يتسبب في تراكمه بمستويات عالية في مجرى الدم. تُعرف هذه الحالة بارتفاع سكر الدم أو فرط سكر الدم (Hyperglycemia). هذا الارتفاع المستمر في سكر الدم هو المسؤول المباشر عن ظهور أعراض المرض، وإذا لم يتم التحكم فيه بشكل فعال فإنه يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على المدى القصير والطويل.
تاريخيًا كان يُشار إلى السكري النوع الأول بمصطلحات مثل "سكري اليافعين" أو "السكري المعتمد على الأنسولين"، وذلك لأنه غالبًا ما يُشخَّص خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة. ومع ذلك من المهم التأكيد على أن هذا المرض يمكن أن يظهر في أي مرحلة عمرية بما في ذلك عند البالغين.
آلية حدوثه: تدمير خلايا بيتا في البنكرياس (المناعة الذاتية)
السبب الجذري للإصابة بالسكري من النوع الأول يكمن في خلل يصيب الجهاز المناعي للجسم. فبدلاً من أن يقتصر دوره على محاربة الأجسام الغريبة كالفيروسات والبكتيريا، يبدأ الجهاز المناعي بمهاجمة خلايا الجسم نفسه عن طريق الخطأ في عملية تُعرف بالمناعة الذاتية (Autoimmunity). في حالة السكري النوع الأول يستهدف هذا الهجوم المناعي خلايا محددة في البنكرياس تُسمى خلايا بيتا (β-cells).
تعتبر خلايا بيتا هي المصنع الوحيد لهرمون الأنسولين في الجسم. عندما يهاجمها الجهاز المناعي تتعرض للتدمير التدريجي مما يؤدي إلى انخفاض قدرة البنكرياس على إنتاج الأنسولين شيئًا فشيئًا وصولًا إلى التوقف شبه التام عن إنتاجه. هذا الهجوم الداخلي هو السمة المميزة للسكري النوع الأول، وهو ما يجعله مختلفًا جوهريًا عن الأنواع الأخرى من السكري. فالمشكلة ليست مجرد تدهور في وظيفة العضو، بل هي نتيجة لخلل في نظام الدفاع الذاتي للجسم، وهذا الفهم يوجه الأبحاث نحو علاجات لا تقتصر على تعويض الأنسولين المفقود فحسب، بل تستهدف أيضًا تعديل أو إيقاف هذا الهجوم المناعي.
من المهم إدراك أن عملية تدمير خلايا بيتا هذه لا تحدث بين عشية وضحاها. غالبًا ما تكون عملية تدريجية تستمر لعدة أشهر أو حتى سنوات قبل أن تظهر الأعراض السريرية للمرض بشكل واضح. وخلال هذه الفترة الصامتة يكون الجسم قد فقد جزءًا كبيرًا من قدرته على إنتاج الأنسولين.
هذا يعني وجود مرحلة "ما قبل السكري" أو مراحل مبكرة للمرض مما يفتح الباب أمام إمكانية الكشف المبكر عن الأفراد المعرضين لخطر الإصابة (مثل أقارب المصابين من الدرجة الأولى) من خلال فحوصات خاصة تكشف عن وجود الأجسام المضادة الذاتية التي تهاجم خلايا بيتا. يتيح هذا الكشف المبكر الفرصة للتدخلات المحتملة في المستقبل بهدف تأخير أو ربما منع ظهور المرض بشكل كامل.
تجدر الإشارة إلى أن هناك نسبة قليلة من حالات السكري النوع الأول (تُقدر بحوالي 10-30%) تُصنف على أنها "مجهولة السبب" (Idiopathic)، حيث لا يتم العثور على دليل واضح على وجود هجوم مناعي ذاتي، ولا تزال أسباب تدمير خلايا بيتا في هذه الحالات غير مفهومة تمامًا.
أسباب وعوامل خطر الإصابة بالسكري النوع الأول
على الرغم من أن الآلية المباشرة للإصابة بالسكري النوع الأول هي تدمير خلايا بيتا بواسطة الجهاز المناعي، فإن السبب الدقيق الذي يحفز هذا الهجوم المناعي الذاتي لا يزال غير مفهوم بشكل كامل. ومع ذلك حدد الباحثون مجموعة من العوامل التي يُعتقد أنها تزيد من خطر الإصابة بالمرض، وهي تشمل تفاعلًا معقدًا بين الاستعداد الوراثي والعوامل البيئية.
- دور المناعة الذاتية: كما ذُكر سابقًا، الهجوم المناعي الذاتي هو السبب المباشر للمرض.
- العوامل الوراثية والجينية:
- التاريخ العائلي: وجود قريب من الدرجة الأولى (أب، أم، أخ، أخت) مصاب بالسكري النوع الأول يزيد من خطر الإصابة بشكل طفيف، ولكنه ليس كبيرًا. معظم المصابين بالسكري النوع الأول ليس لديهم تاريخ عائلي للمرض.
- الجينات: تم تحديد جينات معينة وخاصة تلك المتعلقة بنظام مستضدات الكريات البيضاء البشرية (HLA)، ترتبط بزيادة الاستعداد للإصابة بالمرض. هذه الجينات تؤثر على كيفية عمل الجهاز المناعي.
- العوامل البيئية: يُعتقد أن العوامل البيئية تلعب دورًا محفزًا لدى الأشخاص الذين لديهم الاستعداد الوراثي للإصابة. لا تسبب هذه العوامل المرض بمفردها ولكنها قد تكون الشرارة التي تبدأ الهجوم المناعي الذاتي. تشمل هذه العوامل المحتملة:
- الفيروسات: يُشتبه في أن بعض أنواع العدوى الفيروسية (مثل فيروسات كوكساكي، الفيروس المضخم للخلايا، النكاف، الحصبة الألمانية الخلقية) تؤدي إلى تحفيز استجابة مناعية ذاتية تستهدف خلايا بيتا لدى الأفراد المستعدين وراثيًا.
- النظام الغذائي في الطفولة المبكرة: تشير بعض الأبحاث إلى أن الإدخال المبكر لحليب البقر في النظام الغذائي للرضع قد يزيد من خطر الإصابة، بينما توفر الرضاعة الطبيعية بعض الحماية. العلاقة بين القمح وتطور المرض قيد الدراسة أيضًا.
- عوامل أخرى قيد البحث: تشمل السموم البيئية والتغيرات في ميكروبيوم الأمعاء (النبيت الجرثومي المعوي).
- العوامل الجغرافية: لوحظ أن معدلات الإصابة بالسكري النوع الأول تزداد كلما ابتعدنا عن خط الاستواء. أسباب هذا التوزيع الجغرافي غير واضحة تمامًا وقد ترتبط بعوامل مثل التعرض لأشعة الشمس ومستويات فيتامين D أو التعرض لفيروسات معينة.
- عوامل أخرى:
- العمر: على الرغم من إمكانية التشخيص في أي عمر، إلا أن هناك فترتين تزداد فيهما احتمالية التشخيص: الأولى في الطفولة المبكرة (حوالي 5-7 سنوات) والثانية خلال فترة البلوغ (حوالي 10-14 سنة).
- العرق: تختلف معدلات الإصابة بين المجموعات العرقية المختلفة. على سبيل المثال في الولايات المتحدة يُلاحظ ارتفاع معدلات الإصابة بين الأطفال البيض من أصل غير إسباني مقارنة بالمجموعات العرقية الأخرى.
من المهم جدًا التأكيد على أن السكري من النوع الأول لا ينتج عن عادات نمط الحياة مثل تناول الكثير من السكر أو قلة النشاط البدني. هذه العوامل ترتبط بشكل أساسي بالسكري من النوع الثاني. فهم هذا التمييز ضروري لتجنب الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمرض ولتوجيه جهود الوقاية بشكل صحيح (حيث لا يمكن الوقاية من النوع الأول حاليًا، بينما يمكن الوقاية من النوع الثاني أو تأخيره).
إن فهم أن السكري النوع الأول ينتج غالبًا عن تفاعل معقد بين الوراثة والبيئة يفسر لماذا لا يصاب كل من يحمل الجينات المرتبطة بالمرض، ولماذا قد يصاب به أشخاص ليس لديهم تاريخ عائلي واضح. هذا النموذج متعدد العوامل يوجه الأبحاث نحو فهم أفضل للمحفزات البيئية وتطوير استراتيجيات مستقبلية للوقاية.
أعراض السكري النوع الأول: كيف تكتشفها؟
تظهر أعراض السكري من النوع الأول عادةً عندما يكون الجسم قد فقد جزءًا كبيرًا من قدرته على إنتاج الأنسولين نتيجة لتدمير خلايا بيتا. غالبًا ما تتطور هذه الأعراض بسرعة نسبيًا خلال أيام أو أسابيع قليلة، خاصة عند الأطفال والمراهقين. هذا التطور السريع يتطلب انتباهًا فوريًا، حيث أن التأخير في التشخيص والعلاج يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة ومهددة للحياة.
الأعراض الشائعة:
تنتج الأعراض الكلاسيكية للسكري النوع الأول بشكل أساسي عن ارتفاع مستوى السكر في الدم ومحاولة الجسم التخلص من هذا السكر الزائد وعدم قدرة الخلايا على الحصول على الطاقة الكافية. تشمل هذه الأعراض:
- العطش الشديد (Polydipsia): يشعر المريض بحاجة مستمرة لشرب كميات كبيرة من الماء.
- كثرة التبول (Polyuria): يحاول الجسم التخلص من السكر الزائد عن طريق الكلى مما يؤدي إلى زيادة كمية البول والحاجة للتبول بشكل متكرر حتى أثناء الليل.
- الجوع الشديد (Polyphagia): على الرغم من ارتفاع مستوى السكر في الدم إلا أن الخلايا لا تستطيع الحصول على الجلوكوز اللازم للطاقة بسبب نقص الأنسولين، مما يرسل إشارات جوع مستمرة للدماغ.
- فقدان الوزن غير المبرر: على الرغم من زيادة الشهية وتناول الطعام إلا أن المريض يفقد وزنه لأن الجسم يبدأ في تكسير الدهون والعضلات للحصول على الطاقة بدلاً من الجلوكوز.
- الشعور بالتعب والإرهاق الشديد: نقص الطاقة في الخلايا يؤدي إلى شعور عام بالضعف والتعب والخمول.
- تشوش الرؤية أو الرؤية الضبابية: يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى السكر في الدم إلى سحب السوائل من عدسات العين مما يؤثر على قدرتها على التركيز ويسبب تشوشًا مؤقتًا في الرؤية.
- بطء التئام الجروح والقروح: يؤثر ارتفاع السكر على الدورة الدموية ووظيفة الجهاز المناعي مما يجعل الجروح تستغرق وقتًا أطول للشفاء.
- زيادة التعرض للعدوى: ضعف الجهاز المناعي وارتفاع السكر يوفران بيئة مناسبة لنمو البكتيريا والفطريات، مما يؤدي إلى تكرار الإصابة بالعدوى، مثل عدوى الجلد أو المسالك البولية أو الفطريات المهبلية لدى الإناث.
- أعراض أخرى: قد تشمل أيضًا جفاف الفم، وتقلبات المزاج أو سهولة الاستثارة.
أعراض خاصة بالأطفال:
إضافة إلى الأعراض المذكورة أعلاه قد يلاحظ الأهل علامات أخرى لدى أطفالهم، مثل:
- التبول اللاإرادي (Bedwetting): عودة الطفل للتبول في الفراش ليلًا بعد أن كان قد تعلم التحكم في المثانة يعتبر علامة تحذيرية مهمة.
- تغيرات سلوكية: قد يصبح الطفل سريع الانفعال أو يعاني من صعوبة في التركيز أو انخفاض مفاجئ في الأداء الدراسي.
- أعراض أخرى: قد يعاني الرضع من صعوبة في الرضاعة أو التهيج.
أعراض حالات الطوارئ (الحماض الكيتوني السكري - DKA)
في بعض الأحيان تكون أولى علامات الإصابة بالسكري النوع الأول هي ظهور أعراض حالة طبية طارئة تُعرف بالحماض الكيتوني السكري (DKA). تحدث هذه الحالة نتيجة للنقص الحاد جدًا في الأنسولين مما يدفع الجسم إلى حرق الدهون بسرعة كبيرة لإنتاج الطاقة، مؤديًا إلى تراكم مواد حمضية تسمى الكيتونات في الدم.
يجب التعرف على أعراض DKA وطلب المساعدة الطبية فورًا، وتشمل:
- الغثيان والقيء.
- آلام في البطن.
- تنفس سريع وعميق (يُعرف بتنفس كوسماول).
- رائحة نفس مميزة تشبه رائحة الفاكهة أو الأسيتون (مزيل طلاء الأظافر).
- جفاف شديد في الجلد والفم.
- الشعور بالخمول الشديد، أو صعوبة الانتباه، أو الارتباك.
- فقدان الوعي أو الدخول في غيبوبة في الحالات الشديدة.
- قد تحدث تشنجات في حالات نادرة.
إن الوعي بهذه الأعراض سواء الشائعة منها أو أعراض الطوارئ هو أمر بالغ الأهمية للتشخيص المبكر وتجنب المضاعفات الخطيرة. يجب على أي شخص يلاحظ ظهور مجموعة من هذه الأعراض مراجعة الطبيب فورًا، وخاصة الأطفال والمراهقين.
تشخيص السكري النوع الأول: الاختبارات والمعايير
يعتمد تشخيص مرض السكري من النوع الأول على تقييم الأعراض السريرية التي يعاني منها المريض، بالإضافة إلى إجراء مجموعة من الاختبارات المخبرية، وبشكل أساسي قياس مستوى الجلوكوز (السكر) في الدم.
نظرًا لأن أعراض النوع الأول غالبًا ما تكون واضحة وسريعة التطور فقد يكفي في بعض الأحيان إجراء اختبار دم واحد إيجابي مع وجود الأعراض لتأكيد التشخيص. أما في حالة عدم وجود أعراض واضحة أو للتحقق فقد يتطلب الأمر تكرار الاختبار في يوم آخر.
اختبارات الدم الرئيسية لتشخيص السكري:
تشمل اختبارات الدم الرئيسية لتشخيص السكري المستخدمة:
- اختبار الهيموغلوبين السكري (A1C أو HbA1c): يقيس هذا الاختبار نسبة الهيموغلوبين (البروتين الحامل للأكسجين في خلايا الدم الحمراء) المرتبط بالجلوكوز. تعكس النتيجة متوسط مستوى السكر في الدم خلال فترة الشهرين إلى الثلاثة أشهر الماضية. وأبرز مزاياه أنه لا يتطلب الصيام ويمكن إجراؤه في أي وقت. أما بالنسبة للقيمة التشخيصية فهي أن مستوى 6.5% أو أعلى في اختبارين منفصلين، أو مرة واحدة مع وجود أعراض واضحة، يشير إلى الإصابة بالسكري.
- اختبار سكر الدم الصائم (Fasting Blood Glucose - FBG): يقيس مستوى الجلوكوز في الدم بعد فترة صيام لا تقل عن 8 ساعات (عادةً بين عشية وضحاها). وتشمل القيم المرجعية ثلاث فئات وهي: "طبيعي" إذا كانت القيمة أقل من 100 ملغم/ديسيلتر (5.6 مليمول/لتر)، و"مقدمات السكري" إذا كانت القيمة من 100 إلى 125 ملغم/ديسيلتر (5.6 إلى 6.9 مليمول/لتر). و"سكري" إذا كانت 126 ملغم/ديسيلتر (7 مليمول/لتر) أو أعلى في اختبارين منفصلين، أو مرة واحدة مع وجود أعراض واضحة.
- اختبار سكر الدم العشوائي (Random Blood Glucose): يقيس هذا الاختبار مستوى الجلوكوز في الدم في أي وقت من اليوم بغض النظر عن موعد آخر وجبة. وإذا كان مستوى الجلكوز في الدم 200 ملغم/ديسيلتر (11.1 مليمول/لتر) أو أعلى مع وجود أعراض واضحة للسكري (مثل العطش الشديد وكثرة التبول وفقدان الوزن) فهذا يؤكد التشخيص.
- اختبار تحمل الجلوكوز الفموي (Oral Glucose Tolerance Test - OGTT): يقيس مستوى الجلوكوز في الدم بعد الصيام ثم مرة أخرى بعد ساعتين من شرب سائل يحتوي على كمية محددة من الجلوكوز. مستوى 200 ملغم/ديسيلتر (11.1 مليمول/لتر) أو أعلى بعد ساعتين يشير إلى الإصابة بالسكري. (يُستخدم هذا الاختبار بشكل أقل شيوعًا لتشخيص النوع الأول مقارنة بالنوع الثاني أو سكري الحمل).
اختبارات للتمييز بين السكري النوع الأول والنوع الثاني:
في بعض الحالات وخاصة عند تشخيص المرض لدى البالغين أو عندما تكون الأعراض غير نمطية، قد يكون من الضروري إجراء اختبارات إضافية للمساعدة في التمييز بين السكري النوع الأول والسكري النوع الثاني. هذا التمييز بالغ الأهمية لأن خطط العلاج تختلف بشكل كبير بين النوعين. تشمل هذه الاختبارات:
1. اختبار الأجسام المضادة الذاتية (Autoantibody Tests)
يبحث هذا الاختبار عن وجود أجسام مضادة معينة في الدم والتي ينتجها الجهاز المناعي وتهاجم خلايا بيتا في البنكرياس أو الأنسولين نفسه. هذه الأجسام المضادة هي السمة المميزة للسكري النوع الأول ذي المنشأ المناعي الذاتي.
وجود واحد أو أكثر من هذه الأجسام المضادة (مثل GAD65, ICA, IAA, IA-2, ZnT8) يؤكد بقوة تشخيص السكري النوع الأول ويساعد على استبعاد النوع الثاني. يعتبر هذا الاختبار حاسمًا بشكل خاص عند البالغين الذين قد يُشخَّصون خطأً بالنوع الثاني، مما قد يؤخر بدء العلاج الضروري بالأنسولين.
2. اختبار الكيتونات في البول أو الدم (Ketone Testing)
يقيس وجود الكيتونات وهي مواد كيميائية تنتج عندما يضطر الجسم إلى حرق الدهون للحصول على الطاقة بسبب نقص الأنسولين الشديد. وجود مستويات عالية من الكيتونات وخاصة عند التشخيص الأولي أو عند ظهور أعراض DKA هو سمة مميزة للسكري النوع الأول (أو النوع الثاني في حالات نادرة جدًا من الإجهاد الشديد).
3. اختبار ببتيد سي (C-peptide Test)
ببتيد سي هو جزء من جزيء البروإنسولين، ويتم إطلاقه في الدم بنفس كمية الأنسولين المنتج داخليًا بواسطة البنكرياس. لذلك فإن قياس مستوى ببتيد سي يعكس كمية الأنسولين التي لا يزال الجسم ينتجها.
في السكري النوع الأول ومع تدمير خلايا بيتا ينخفض مستوى ببتيد سي بشكل كبير أو يصبح غير قابل للقياس. هذا يساعد في تأكيد التشخيص وتمييزه عن المراحل المبكرة من السكري النوع الثاني حيث قد يكون إنتاج الأنسولين طبيعيًا أو حتى مرتفعًا. كما يمكن أن يعطي هذا الاختبار فكرة عن مدى وظيفة خلايا بيتا المتبقية لدى المريض (فترة "شهر العسل")، مما قد يؤثر على خطة العلاج الأولية.
اسم الاختبار | القيمة التشخيصية للسكري | ملاحظات |
---|---|---|
الهيموغلوبين السكري (A1C) | 6.5% أو أعلى | يتطلب تأكيدًا باختبار ثانٍ أو وجود أعراض واضحة. لا يتطلب الصيام. |
سكر الدم الصائم (FBG) | 126 ملغم/ديسيلتر (7.0 مليمول/لتر) أو أعلى | يتطلب صيام 8 ساعات على الأقل. يتطلب تأكيدًا باختبار ثانٍ أو وجود أعراض واضحة. |
سكر الدم العشوائي | 200 ملغم/ديسيلتر (11.1 مليمول/لتر) أو أعلى | يجب أن يترافق مع أعراض واضحة للسكري (عطش، تبول، فقدان وزن). لا يتطلب الصيام. |
اختبار تحمل الجلوكوز الفموي (OGTT) | 200 ملغم/ديسيلتر (11.1 مليمول/لتر) أو أعلى (بعد ساعتين) | يتطلب صيامًا ثم شرب محلول جلوكوز. أقل شيوعًا لتشخيص النوع الأول. |
اختبار الأجسام المضادة الذاتية | إيجابي لواحد أو أكثر من الأجسام المضادة (GAD65, ICA, إلخ) | يؤكد الطبيعة المناعية الذاتية للسكري النوع الأول ويساعد في تمييزه عن النوع الثاني. |
اختبار الكيتونات (البول/الدم) | وجود الكيتونات (خاصة بمستويات عالية) | يشير إلى نقص حاد في الأنسولين، وهو شائع في النوع الأول عند التشخيص أو في حالة DKA. |
اختبار ببتيد سي (C-peptide) | مستوى منخفض جدًا أو غير قابل للقياس | يعكس انخفاض أو غياب إنتاج الأنسولين الداخلي، مما يدعم تشخيص النوع الأول. |
علاج وإدارة السكري النوع الأول
بمجرد تشخيص الإصابة بالسكري من النوع الأول يصبح الهدف الرئيسي للعلاج هو التحكم بمستويات الجلوكوز في الدم والحفاظ عليها ضمن النطاق الطبيعي قدر الإمكان، وذلك للسيطرة على الأعراض الحالية ومنع أو تأخير ظهور المضاعفات الحادة والمزمنة المرتبطة بالمرض.
نظرًا لأن الجسم يفقد قدرته على إنتاج الأنسولين فإن العلاج يعتمد بشكل أساسي على تعويض هذا النقص من خلال العلاج بالأنسولين، بالإضافة إلى تبني نمط حياة صحي يشمل التغذية السليمة والنشاط البدني المنتظم والمراقبة الدقيقة لمستويات السكر.
العلاج بالأنسولين
يُعد العلاج بالأنسولين الخارجي ضروريًا وحيويًا لجميع مرضى السكري من النوع الأول منذ لحظة التشخيص، حيث لا يمكن للجسم البقاء على قيد الحياة بدونه. الهدف من العلاج بالأنسولين هو محاكاة طريقة عمل البنكرياس الطبيعي قدر الإمكان من خلال توفير كمية أساسية مستمرة من الأنسولين (Basal) لتغطية احتياجات الجسم بين الوجبات وخلال الليل، بالإضافة إلى جرعات إضافية (Bolus) لتغطية ارتفاع السكر الناتج عن تناول الوجبات أو لتصحيح أي ارتفاع غير متوقع في مستويات السكر.
أنواع الأنسولين:
تتوفر أنواع مختلفة من الأنسولين تختلف في سرعة بدء مفعولها ووقت وصولها إلى ذروة فعاليتها ومدة استمرار تأثيرها في الجسم. فهم هذه الفروقات أساسي لوضع خطة علاج فعالة:
- الأنسولين سريع المفعول (Rapid-acting): يبدأ العمل بسرعة كبيرة (خلال 15 دقيقة)، ويصل إلى ذروته خلال ساعة تقريبًا، ويستمر تأثيره لنحو 4 ساعات. يُستخدم عادةً قبل الوجبات مباشرة (أو بعدها مباشرة في بعض الحالات) لتغطية الكربوهيدرات الموجودة في الوجبة. ومن الأمثلة: أنسولين ليسبرو (Humalog, Admelog)، أنسولين أسبارت (NovoLog, Fiasp)، أنسولين غلوليزين (Apidra).
- الأنسولين قصير المفعول (Short-acting / Regular): يبدأ العمل خلال 30 دقيقة ويصل إلى ذروته خلال 90-120 دقيقة، ويستمر تأثيره لمدة 4-6 ساعات. يُعرف أيضًا بالأنسولين العادي أو المنتظم، ويُؤخذ عادةً قبل الوجبات بحوالي 30 دقيقة. ومن الأمثلة: Humulin R, Novolin R.
- الأنسولين متوسط المفعول (Intermediate-acting / NPH): يبدأ العمل خلال 1-3 ساعات ويصل إلى ذروته خلال 6-8 ساعات، ويستمر تأثيره لمدة 12-24 ساعة. يُستخدم عادةً لتوفير تغطية أساسية للأنسولين بين الوجبات وخلال جزء من الليل، وغالبًا ما يُحقن مرتين يوميًا. ومن أمثلته: Novolin N, Humulin N.
- الأنسولين طويل وممتد المفعول (Long- and Ultra-long-acting): يوفر تغطية أساسية مستمرة وثابتة نسبيًا للأنسولين على مدار 24 ساعة أو أكثر، مع ذروة قليلة جدًا أو معدومة، مما يقلل من خطر نقص السكر في الدم مقارنة بالأنسولين متوسط المفعول، ويُحقن عادةً مرة واحدة يوميًا. ومن الأمثلة: أنسولين غلارجين (Lantus, Basaglar, Toujeo)، أنسولين ديتيمر (Levemir)، أنسولين ديغلوديك (Tresiba).
- الأنسولين المخلوط مسبقًا (Premixed): يحتوي على مزيج بنسب ثابتة من الأنسولين سريع أو قصير المفعول مع الأنسولين متوسط المفعول. قد يكون مناسبًا لبعض المرضى الذين يتبعون جدولًا منتظمًا للوجبات، ولكنه أقل مرونة ويُستخدم بشكل أقل شيوعًا في النوع الأول مقارنة بالنوع الثاني.
طرق إعطاء الأنسولين
يتم إعطاء الأنسولين عن طريق الحقن تحت الجلد (Subcutaneous injection)، حيث لا يمكن تناوله عن طريق الفم لأنه سيتعرض للهضم في المعدة. الطرق الرئيسية للإعطاء هي:
- الحقن المتعدد اليومي (Multiple Daily Injections - MDI): هو النظام الأكثر شيوعًا ويتضمن حقن الأنسولين طويل المفعول مرة أو مرتين يوميًا لتغطية الاحتياجات الأساسية، بالإضافة إلى حقن الأنسولين سريع أو قصير المفعول قبل كل وجبة لتغطية الكربوهيدرات. يتم ذلك باستخدام محاقن تقليدية ذات إبر دقيقة أو باستخدام أقلام الأنسولين التي تشبه أقلام الحبر وتوفر سهولة أكبر في تحديد الجرعة والحمل.
- مضخة الأنسولين (Insulin Pump): هي جهاز إلكتروني صغير (بحجم الهاتف المحمول تقريبًا) يتم ارتداؤه خارج الجسم. يحتوي الجهاز على خزان صغير يُملأ بالأنسولين سريع المفعول. يتم توصيل الأنسولين بشكل مستمر تحت الجلد عبر أنبوب رفيع وقسطرة صغيرة (تُسمى مجموعة الحقن أو Infusion Set) يتم تغييرها كل 2-3 أيام. تقوم المضخة بتوصيل كميات صغيرة ومستمرة من الأنسولين على مدار الساعة لمحاكاة الإفراز القاعدي الطبيعي للبنكرياس (Basal Rate)، ويمكن للمستخدم برمجة جرعات إضافية (Bolus) قبل تناول الوجبات أو لتصحيح ارتفاع مستوى السكر. تتوفر أيضًا مضخات لاصقة بدون أنبوب (Patch Pumps) تُلصق مباشرة على الجلد. توفر المضخات مرونة أكبر في نمط الحياة وتساعد على تحقيق تحكم أفضل في مستوى السكر لدى العديد من المرضى.
نوع الأنسولين | سرعة بدء المفعول (تقريبًا) | وقت الذروة (تقريبًا) | مدة التأثير (تقريبًا) | الدور الأساسي |
---|---|---|---|---|
سريع المفعول (Rapid) | 15 دقيقة | ساعة واحدة | 4 ساعات | تغطية سكر الوجبات، تصحيح الارتفاعات |
قصير المفعول (Short) | 30 دقيقة | 1.5 - 2 ساعة | 4 - 6 ساعات | تغطية سكر الوجبات (يؤخذ قبل الوجبة بوقت أطول) |
متوسط المفعول (NPH) | 1 - 3 ساعات) | 6 - 8 ساعات | 12 - 24 ساعة | تغطية أساسية (Basal) - يتطلب حقنتين غالبًا |
طويل المفعول (Long) | 1 - 2 ساعة | لا توجد ذروة واضحة | حتى 24 ساعة | تغطية أساسية (Basal) - حقنة واحدة غالبًا |
ممتد المفعول (Ultra-long) | 1 - 6 ساعات | لا يوجد ذروة واضحة | حتى 40+ ساعة | تغطية أساسية (Basal) طويلة جدًا |
مراقبة نسبة السكر في الدم
مراقبة مستويات الجلوكوز في الدم بشكل منتظم ودقيق هي حجر الزاوية في إدارة السكري النوع الأول. فهي توفر المعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات يومية مستنيرة بشأن جرعات الأنسولين، واختيارات الطعام، وممارسة النشاط البدني، وتساعد على اكتشاف وتجنب نوبات ارتفاع أو انخفاض السكر الخطيرة.
أجهزة قياس السكر المنزلية (Blood Glucose Meters - BGM):
تعتمد هذه الأجهزة على وخز طرف الإصبع بإبرة صغيرة للحصول على قطرة دم توضع على شريط اختبار خاص يتم إدخاله في الجهاز لقراءة مستوى الجلوكوز.
يحتاج مرضى النوع الأول عادةً إلى فحص مستوى السكر عدة مرات يوميًا: قبل الوجبات، وبعد الوجبات بساعتين، وقبل النوم، وقبل وأثناء وبعد ممارسة التمارين الرياضية، وعند الشعور بأي أعراض غير طبيعية قد تشير إلى ارتفاع أو انخفاض السكر.
المراقبة المستمرة للجلوكوز (Continuous Glucose Monitoring - CGM)
تُمثل هذه التقنية تطورًا هامًا في مراقبة السكري. تتكون من جهاز استشعار صغير يتم إدخاله تحت الجلد (عادةً في البطن أو الذراع) بواسطة إبرة رفيعة، ويقوم هذا المستشعر بقياس مستوى الجلوكوز في السائل الخلالي (السائل المحيط بالخلايا) بشكل مستمر، كل دقيقة إلى خمس دقائق.
يتم إرسال هذه القراءات لاسلكيًا إلى جهاز استقبال منفصل، أو مضخة أنسولين متوافقة، أو هاتف ذكي. كما توفر أجهزة CGM صورة شاملة وديناميكية لمستويات السكر على مدار اليوم والليلة، وتُظهر الاتجاهات (هل السكر يرتفع أم ينخفض؟ وبأي سرعة؟)، مما يساعد المستخدم وفريقه الطبي على فهم أفضل لاستجابة الجسم للعلاج ونمط الحياة.
تحتوي معظم أجهزة CGM على تنبيهات قابلة للتخصيص لتحذير المستخدم عند اقتراب مستويات السكر من حدود الارتفاع أو الانخفاض المحددة مسبقًا، مما يساعد على اتخاذ إجراءات وقائية مبكرة.
على الرغم من أنها تقلل بشكل كبير من الحاجة إلى وخز الإصبع، إلا أنه قد لا يزال من الضروري إجراء فحص باستخدام جهاز BGM التقليدي في بعض الأحيان للتأكد من دقة قراءات CGM (المعايرة) أو عند اتخاذ قرارات علاجية هامة.
كما أثبتت الدراسات أن استخدام CGM يحسن التحكم العام في السكر (يخفض مستوى A1C) ويقلل من تكرار وشدة نوبات نقص السكر في الدم.
فحص الهيموغلوبين السكري (A1C)
بالإضافة إلى المراقبة اليومية يتم إجراء اختبار A1C بشكل دوري (عادة كل 3 إلى 6 أشهر) في العيادة لتقييم متوسط التحكم في السكر على المدى الطويل وفعالية خطة العلاج الشاملة.
التغذية الصحية
يلعب النظام الغذائي دورًا محوريًا في إدارة السكري النوع الأول، حيث أن الطعام - وخاصة الكربوهيدرات - هو المصدر الرئيسي للجلوكوز الذي يؤثر بشكل مباشر على مستويات السكر في الدم. الهدف من التخطيط الغذائي ليس الحرمان بل هو اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يساعد على استقرار مستويات السكر ويوفر العناصر الغذائية اللازمة، ويساهم في الحفاظ على وزن صحي والوقاية من المضاعفات.
حساب الكربوهيدرات (Carbohydrate Counting):
تُعد هذه المهارة أساسية لمعظم مرضى النوع الأول، خاصة أولئك الذين يستخدمون نظام الحقن المتعدد اليومي أو مضخة الأنسولين. تهدف إلى مطابقة جرعة الأنسولين السريع أو القصير المفعول (Bolus) التي يتم أخذها قبل الوجبة مع كمية الكربوهيدرات التي سيتم تناولها في تلك الوجبة.
يتطلب حساب الكربوهيدرات تعلم قراءة الملصقات الغذائية للمنتجات المعبأة، وتقدير كمية الكربوهيدرات في الأطعمة الطازجة أو المطبوخة في المنزل أو المطاعم باستخدام أدوات مثل موازين الطعام، أو أكواب وملاعق القياس، أو تطبيقات وقواعد بيانات الأطعمة.
يتم استخدام "نسبة الأنسولين إلى الكربوهيدرات" (Insulin-to-Carb Ratio - ICR)، وهي قيمة شخصية يحددها الطبيب أو أخصائي التغذية، وتعبر عن عدد جرامات الكربوهيدرات التي تغطيها وحدة واحدة من الأنسولين السريع/القصير المفعول. على سبيل المثال إذا كانت نسبة ICR هي 1:10، فهذا يعني أن المريض يحتاج إلى وحدة واحدة من الأنسولين لكل 10 جرامات من الكربوهيدرات يتناولها.
نصائح غذائية عملية:
- التركيز على الجودة: اختيار الأطعمة الكاملة الغنية بالعناصر الغذائية والألياف مثل الخضروات غير النشوية، والفواكه (باعتدال بسبب محتواها من السكر الطبيعي)، والبقوليات، والحبوب الكاملة (مثل الأرز البني، الشوفان، خبز القمح الكامل)، والبروتينات الخالية من الدهون (مثل الدواجن، الأسماك، البيض، التوفو)، والدهون الصحية (مثل الأفوكادو، المكسرات، البذور، زيت الزيتون).
- الحد من الأطعمة غير الصحية: تجنب أو تقليل تناول السكريات المضافة (الموجودة في الحلويات، المشروبات الغازية، العصائر المحلاة)، والحبوب المكررة (مثل الخبز الأبيض، الأرز الأبيض، المعكرونة البيضاء)، والأطعمة المصنعة والمعلبة الغنية بالصوديوم، والدهون المشبعة (الموجودة في اللحوم الحمراء الدهنية، الزبدة، الأطعمة المقلية)، والدهون المتحولة (الموجودة في بعض أنواع السمن النباتي والمخبوزات التجارية).
- تنظيم الوجبات: محاولة تناول الوجبات الرئيسية والوجبات الخفيفة في أوقات منتظمة قدر الإمكان يوميًا يساعد على استقرار مستويات السكر وتوقع احتياجات الأنسولين.
- حجم الحصص: الانتباه إلى حجم الحصص المتناولة حتى بالنسبة للأطعمة الصحية، لأن الكمية تؤثر أيضًا على مستوى السكر.
- تأثير البروتين والدهون: من المهم معرفة أن البروتينات والدهون يمكن أن تؤثر أيضًا على مستويات السكر في الدم، ولكن بشكل أبطأ وتدريجي مقارنة بالكربوهيدرات. الوجبات الغنية جدًا بالبروتين أو الدهون قد تتطلب تعديل توقيت أو كمية جرعة الأنسولين لتجنب ارتفاع السكر المتأخر.
- الاستشارة المتخصصة: العمل مع طبيب وأخصائي تغذية مسجل متخصص في السكري أمر ضروري لوضع خطة غذائية شخصية تأخذ في الاعتبار احتياجات المريض الفردية، وتفضيلاته، ونمط حياته، وأهدافه العلاجية.
النشاط البدني: لتعزيز الصحة والتحكم
يُعد النشاط البدني المنتظم جزءًا لا يتجزأ من إدارة السكري النوع الأول ونمط الحياة الصحي بشكل عام. له فوائد عديدة تتجاوز مجرد التحكم في الوزن. ومن فوائده:
- يجعل النشاط البدني خلايا الجسم أكثر استجابة للأنسولين، مما يعني أن الجسم يحتاج إلى كمية أقل من الأنسولين لنقل الجلوكوز من الدم إلى الخلايا. هذا يساعد على خفض مستويات السكر في الدم.
- يساعد على حرق السعرات الحرارية والحفاظ على وزن صحي.
- يقلل من عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول.
- تقوية العظام والعضلات.
- تحسين المزاج وتقليل التوتر.
- زيادة الطاقة وتحسين نوعية النوم.
يُنصح البالغون المصابون بالسكري النوع الأول بممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من التمارين الهوائية متوسطة الشدة أسبوعيًا (مثل المشي السريع، السباحة، ركوب الدراجات، الركض الخفيف)، موزعة على معظم أيام الأسبوع، بالإضافة إلى جلستين إلى ثلاث جلسات من تمارين القوة (مثل رفع الأوزان أو استخدام أشرطة المقاومة) أسبوعيًا. يجب أيضًا تشجيع الأطفال والمراهقين على أن يكونوا نشطين بدنيًا يوميًا.
نصائح لممارسة الرياضة بأمان مع السكري النوع الأول:
- قبل البدء بأي برنامج تمارين جديد أو زيادة شدة التمارين الحالية من الضروري استشارة الطبيب أو فريق الرعاية الصحية لمناقشة الخطة الأنسب والتأكد من عدم وجود موانع طبية.
- فحص مستوى السكر في الدم قبل البدء بالتمرين وأثناء التمارين الطويلة أو الشديدة وبعد الانتهاء من التمرين أمر بالغ الأهمية. يمكن أن يستمر تأثير التمرين على خفض السكر لعدة ساعات بعد انتهاء النشاط.
- تجنب نقص السكر (Hypoglycemia): النشاط البدني يزيد من استهلاك الجلوكوز، مما قد يؤدي إلى انخفاض السكر. للوقاية من ذلك:
- تجنب ممارسة الرياضة إذا كان مستوى السكر منخفضًا (أقل من 90-100 ملغم/ديسيلتر) قبل البدء. تناول وجبة خفيفة تحتوي على 15-30 جرامًا من الكربوهيدرات قبل البدء إذا كان السكر في هذا النطاق أو أقل قليلًا.
- قد تحتاج إلى تقليل جرعة الأنسولين (القاعدي أو البلعة) قبل أو أثناء أو بعد التمرين، خاصةً للتمارين الطويلة أو غير المخطط لها، ويجب مناقشة هذه التعديلات مع الطبيب. مستخدمو مضخة الأنسولين قد يستفيدون من تقليل المعدل القاعدي المؤقت.
- احمل معك دائمًا مصدرًا سريع المفعول للكربوهيدرات (مثل أقراص الجلوكوز، الحلوى الصلبة، أو عصير الفاكهة) أثناء ممارسة الرياضة لاستخدامه في حالة الشعور بأعراض نقص السكر.
- تجنب فرط السكر (Hyperglycemia) والكيتونات: تجنب ممارسة التمارين الشديدة إذا كان مستوى السكر في الدم مرتفعًا جدًا (عادةً أعلى من 250-300 ملغم/ديسيلتر) مع وجود كيتونات في البول أو الدم، لأن التمرين في هذه الحالة يمكن أن يزيد من ارتفاع السكر ومستويات الكيتونات.
- شرب كمية كافية من الماء قبل وأثناء وبعد التمرين.
- ارتداء أحذية وجوارب مناسبة وفحص القدمين جيدًا بعد التمرين بحثًا عن أي بثور أو جروح.
- التوقيت: قد يكون من الأفضل ممارسة الرياضة في أوقات منتظمة يوميًا ومحاولة ربطها بمواعيد الوجبات وجرعات الأنسولين لتحقيق أفضل تحكم.
تكامل التكنولوجيا في الإدارة:
تلعب التكنولوجيا دورًا متزايد الأهمية في تسهيل إدارة السكري النوع الأول وتحسين النتائج. إن الجمع بين أجهزة المراقبة المستمرة للجلوكوز (CGM) ومضخات الأنسولين يمثل تقدمًا كبيرًا. توفر CGM بيانات مستمرة ودقيقة عن مستويات السكر واتجاهاتها، بينما توفر المضخة توصيلًا مرنًا ودقيقًا للأنسولين.
الأنظمة الأكثر تطورًا والمعروفة باسم "أنظمة الحلقة المغلقة الهجينة" أو "البنكرياس الاصطناعي"، تستخدم خوارزميات ذكية لربط قراءات CGM بضخ الأنسولين، حيث تقوم المضخة بتعديل توصيل الأنسولين القاعدي تلقائيًا استجابةً لمستويات السكر المتغيرة، مما يقلل من حاجة المستخدم للتدخل اليدوي المستمر ويقترب من محاكاة وظيفة البنكرياس الطبيعي.
هذا التكامل التكنولوجي لا يساعد فقط على تحسين التحكم في السكر وتقليل مخاطر نقص السكر، بل يقلل أيضًا من العبء اليومي للإدارة الذاتية للمرض مما يساهم في تحسين جودة حياة المرضى.
أهمية النهج الشخصي:
من الضروري التأكيد على أن إدارة السكري النوع الأول هي رحلة شخصية للغاية. لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع حيث تختلف استجابة كل فرد للأنسولين والطعام والتمارين الرياضية والتوتر والعوامل الهرمونية، والمرض.
لذلك يتطلب التحكم الفعال تعاونًا وثيقًا بين المريض وفريقه الطبي (طبيب الغدد الصماء، مثقف السكري، أخصائي التغذية). يجب على المرضى تعلم كيفية مراقبة استجابات أجسامهم وتفسير بيانات السكر (خاصة من أجهزة CGM) وتعديل خططهم العلاجية (جرعات الأنسولين، توقيت الوجبات، الاستعداد للتمارين) بناءً على هذه الاستجابات الفردية. إن استخدام التكنولوجيا المتقدمة والمتابعة المنتظمة مع الفريق الطبي يوفران الأدوات والمعلومات اللازمة لتطبيق هذا النهج الشخصي بنجاح.
مضاعفات السكري النوع الأول: الحادة والمزمنة
التحكم الدقيق في مستويات السكر في الدم أمرًا بالغ الأهمية ليس فقط للتعامل مع الأعراض اليومية للسكري النوع الأول، ولكن أيضًا لمنع أو تأخير حدوث المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تنشأ عن المرض على المدى القصير (الحادة) والطويل (المزمنة).
تنتج معظم المضاعفات المزمنة عن الضرر الذي يلحقه ارتفاع السكر المستمر بالأوعية الدموية الدقيقة والكبيرة، وكذلك بالأعصاب في جميع أنحاء الجسم.
المضاعفات الحادة:
وهي حالات طارئة تتطلب تدخلًا طبيًا فوريًا ويمكن أن تكون مهددة للحياة إذا لم تُعالج بسرعة.
1. الحماض الكيتوني السكري (Diabetic Ketoacidosis - DKA):
هو أخطر المضاعفات الحادة للسكري النوع الأول يحدث نتيجة لنقص شديد في الأنسولين. بدون الأنسولين لا يستطيع الجسم استخدام الجلوكوز للطاقة فيلجأ إلى حرق الدهون بمعدل سريع جدًا. عملية حرق الدهون هذه تنتج أحماضًا تسمى الكيتونات. يتراكم الكيتون في الدم مما يجعله حمضيًا بشكل خطير (انخفاض درجة الحموضة pH).
وأسبابه:
- عدم أخذ جرعات الأنسولين أو أخذ جرعات غير كافية.
- الإصابة بمرض حاد أو عدوى (مثل الالتهاب الرئوي، التهاب المسالك البولية).
- التوتر الجسدي أو النفسي الشديد.
- مشاكل في مضخة الأنسولين.
- قد يكون أول علامة على الإصابة بالسكري لدى شخص لم يتم تشخيصه بعد.
وأعراضه تم تفصيلها سابقاً وتشمل:
- العطش الشديد.
- كثرة التبول.
- الغثيان.
- القيء.
- آلام البطن.
- التنفس السريع والعميق ذي الرائحة الشبيهة بالفاكهة.
- الجفاف.
- الارتباك.
- الخمول.
- قد تصل إلى فقدان الوعي والغيبوبة.
ويتطلب علاجًا فوريًا في المستشفى يشمل إعطاء السوائل الوريدية والأنسولين الوريدي، وتصحيح اختلال توازن الكهارل (خاصة البوتاسيوم). وللوقاية ينبغي الالتزام بالعلاج والمراقبة الدقيقة للسكر، وفحص الكيتونات عند الضرورة (المرض، ارتفاع السكر المستمر)، وطلب المساعدة الطبية المبكرة.
2. نقص السكر في الدم (Hypoglycemia):
نقص السكر في الدم (Hypoglycemia) هو انخفاض مستوى الجلوكوز في الدم إلى مستوى منخفض بشكل غير طبيعي (عادةً أقل من 70 ملغم/ديسيلتر).
وأبرز أسبابه:
- أخذ جرعة أنسولين أكبر من اللازم.
- تأخير أو تفويت وجبة.
- تناول كمية كربوهيدرات أقل من المعتاد بالنسبة لجرعة الأنسولين.
- ممارسة نشاط بدني أكثر من المعتاد دون تعديل الأنسولين أو الطعام.
- شرب الكحول.
وأعراضه تتراوح من أعراض مبكرة مثل الارتعاش والتعرق والدوخة والجوع وخفقان القلب، إلى أعراض شديدة مثل الارتباك وصعوبة الكلام وفقدان الوعي والتشنجات.
وعلاجه يتمثل في تناول 15 جرامًا من الكربوهيدرات سريعة المفعول (مثل أقراص الجلوكوز، عصير الفاكهة، الحلوى) وإعادة فحص السكر بعد 15 دقيقة (قاعدة 15-15). في حالة فقدان الوعي يجب استخدام حقنة الجلوكاجون.
وللوقاية يجب المراقبة المنتظمة وتعديل الأنسولين والطعام حسب الحاجة وحمل مصدر سريع للكربوهيدرات دائمًا.
المضاعفات المزمنة:
تتطور هذه المضاعفات تدريجيًا على مدى سنوات نتيجة للضرر التراكمي الناجم عن ارتفاع السكر في الدم. التحكم الجيد والمستمر في مستويات السكر يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بهذه المضاعفات أو يبطئ من تقدمها.
1. أمراض القلب والأوعية الدموية (Cardiovascular Disease)
يزيد السكري بشكل كبير من خطر الإصابة بتصلب الشرايين (Atherosclerosis) مما يؤدي إلى أمراض الشريان التاجي (الذبحة الصدرية، النوبة القلبية)، والسكتة الدماغية، وأمراض الأوعية الدموية الطرفية (ضعف الدورة الدموية في الساقين والقدمين). كما يزيد من خطر ارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الكوليسترول الضار.
2. اعتلال الكلى السكري (Diabetic Nephropathy)
يؤدي ارتفاع السكر والضغط المستمر إلى تلف الأوعية الدموية الدقيقة في الكلى التي تقوم بتصفية الدم (الكبيبات). هذا التلف يضعف قدرة الكلى على أداء وظيفتها. في المراحل المتقدمة يمكن أن يؤدي إلى الفشل الكلوي، الذي يتطلب غسيل الكلى أو زراعة الكلى للبقاء على قيد الحياة.
الكشف المبكر عن طريق فحص البول المنتظم للبحث عن كميات صغيرة من البروتين (الألبومين) وفحص الدم لتقييم وظائف الكلى أمر ضروري.
3. اعتلال الأعصاب السكري (Diabetic Neuropathy)
اعتلال الأعصاب السكري هو تلف الأعصاب الناتج عن ارتفاع السكر المزمن وضعف تدفق الدم إلى الأعصاب. يمكن أن يؤثر على أي عصب في الجسم، وينقسم إلى أنواع رئيسية:
- الاعتلال العصبي الطرفي: هو النوع الأكثر شيوعًا ويؤثر عادةً على الأعصاب في القدمين والساقين أولاً، ثم اليدين والذراعين. يسبب أعراضًا مثل الوخز، أو الخدر (فقدان الإحساس)، أو الألم الحارق (خاصة في الليل)، أو ضعف العضلات. فقدان الإحساس في القدمين خطير بشكل خاص لأنه يزيد من خطر الإصابة بالجروح والتقرحات دون الشعور بها.
- الاعتلال العصبي اللاإرادي (الذاتي): يؤثر على الأعصاب التي تتحكم في وظائف الجسم اللاإرادية. يمكن أن يسبب مشاكل في الجهاز الهضمي (مثل الغثيان، القيء، الإسهال، الإمساك، تأخر إفراغ المعدة أو خزل المعدة)، أو مشاكل في المثانة (صعوبة إفراغها أو سلس البول)، أو مشاكل في ضغط الدم (مثل الدوار عند الوقوف)، واضطرابات في التعرق، ومشاكل في الوظيفة التناسلية.
4. اعتلال الشبكية السكري (Diabetic Retinopathy)
هو تلف يصيب الأوعية الدموية الدقيقة في شبكية العين (الجزء الحساس للضوء في مؤخرة العين). ويُعد سببًا رئيسيًا لفقدان البصر والعمى لدى البالغين في سن العمل.
يمكن أن يؤدي إلى نمو أوعية دموية جديدة غير طبيعية في الشبكية ونزيف داخل العين، وتورم في مركز الإبصار (الوذمة البقعية)، وانفصال الشبكية، وزيادة خطر الإصابة بإعتام عدسة العين (المياه البيضاء) والجلوكوما (المياه الزرقاء).
الفحص الدوري الشامل للعين بواسطة طبيب العيون (عادةً سنويًا) ضروري للكشف المبكر عن التغيرات وعلاجها قبل أن تؤثر على الرؤية.
5. مشاكل القدم السكرية (Diabetic Foot Problems)
تنتج عن مزيج من اعتلال الأعصاب الطرفي (فقدان الإحساس بالألم والضغط والحرارة) وضعف الدورة الدموية في القدمين (مرض الأوعية الدموية الطرفية). هذا المزيج يجعل القدمين عرضة للإصابات (الجروح، البثور، الخدوش) التي قد لا يشعر بها المريض، وبسبب ضعف تدفق الدم، تكون هذه الإصابات بطيئة الشفاء وأكثر عرضة للعدوى.
يمكن أن تتطور العدوى بسرعة وتؤدي إلى تقرحات عميقة والتهاب في العظام (Osteomyelitis)، وموت الأنسجة (الغرغرينا)، مما قد يستلزم بتر جزء من القدم أو الساق. العناية اليومية بالقدمين (الفحص، التنظيف، الترطيب، ارتداء أحذية مناسبة) والفحص المنتظم بواسطة الطبيب ضروريان للوقاية.
مشاكل أخرى:
- أمراض الجلد: زيادة القابلية للعدوى البكتيرية والفطرية، وجفاف الجلد الشديد والحكة، وظهور حالات جلدية خاصة مرتبطة بالسكري.
- أمراض الفم واللثة: زيادة خطر الإصابة بالتهاب اللثة (Gingivitis) والتهاب دواعم السن (Periodontitis)، وتسوس الأسنان، وجفاف الفم، وعدوى الفطريات الفموية (القلاع).
- ضعف السمع: تشير الدراسات إلى أن مشاكل السمع أكثر شيوعًا لدى مرضى السكري.
- هشاشة العظام: قد يؤدي السكري إلى انخفاض كثافة المعادن في العظام، مما يزيد من خطر الكسور.
- مشاكل الصحة النفسية: العبء اليومي لإدارة المرض والخوف من المضاعفات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل.
- مشاكل الحمل: النساء المصابات بالسكري النوع الأول يواجهن مخاطر أعلى لحدوث مضاعفات أثناء الحمل، مثل الإجهاض، والعيوب الخلقية لدى الجنين، والولادة المبكرة، وارتفاع ضغط الدم الحملي (تسمم الحمل)، وكبر حجم الجنين (العملقة) مما قد يصعب الولادة. يتطلب الحمل تخطيطًا دقيقًا وتحكمًا صارمًا في مستويات السكر قبل وأثناء الحمل.
من المهم فهم أن هذه المضاعفات المزمنة غالبًا ما تكون مترابطة. العامل المشترك الرئيسي هو الضرر الذي يلحق بالأوعية الدموية (الكبيرة والصغيرة) والأعصاب بسبب التعرض المطول لارتفاع مستويات السكر في الدم. على سبيل المثال تلف الأوعية الدموية الدقيقة (Microvascular damage) هو المسؤول عن اعتلال الشبكية والكلى والجزء من اعتلال الأعصاب.
تلف الأوعية الدموية الكبيرة (Macrovascular damage) هو المسؤول عن أمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الأوعية الدموية الطرفية. تلف الأعصاب يساهم بشكل كبير في مشاكل القدم والمشاكل الهضمية والتناسلية. هذا الترابط يعني أن التحكم الجيد في مستوى السكر لا يقي من مضاعفة واحدة فقط، بل يساعد في الوقاية من مجموعة واسعة من المشاكل الصحية المرتبطة بالسكري.
ونظرًا لأن العديد من هذه المضاعفات - مثل اعتلال الشبكية واعتلال الكلى - قد تتطور بصمت دون أعراض واضحة في مراحلها المبكرة، فإن الالتزام بالفحوصات الدورية المنتظمة أمر بالغ الأهمية. تشمل هذه الفحوصات فحص العين الشامل سنويًا وفحص القدمين في كل زيارة للطبيب، وفحص وظائف الكلى وتحليل البول للبحث عن الألبومين سنويًا على الأقل، بالإضافة إلى مراقبة ضغط الدم ومستويات الكوليسترول بانتظام. يتيح الكشف المبكر عن أي علامات أولية للمضاعفات بدء العلاج المناسب في وقت مبكر، مما يمكن أن يبطئ بشكل كبير أو حتى يوقف تطور الضرر ويحافظ على وظائف الأعضاء وجودة الحياة على المدى الطويل.
التعايش مع السكري النوع الأول: نصائح لجودة حياة أفضل
إن تشخيص الإصابة بالسكري من النوع الأول يمثل تغييرًا كبيرًا في حياة الفرد وعائلته، ويتطلب التزامًا مدى الحياة بإدارة المرض بشكل يومي. ومع ذلك من المهم التأكيد على أن هذا التشخيص ليس نهاية المطاف.
فمع التقدم في العلاجات وتوفر الأدوات التكنولوجية المساعدة والمعرفة الصحيحة والدعم الكافي يمكن للأشخاص المصابين بالسكري النوع الأول أن يعيشوا حياة طبيعية ونشطة ومليئة بالإنجازات. يتطلب التعايش الناجح مع المرض تبني نهج شامل يركز ليس فقط على الجوانب الطبية، بل يشمل أيضًا نمط الحياة والصحة النفسية والدعم الاجتماعي.
التحكم الذاتي والمسؤولية
يقع العبء الأكبر في الإدارة اليومية للسكري النوع الأول على عاتق المريض نفسه (أو عائلته في حالة الأطفال). يتطلب الأمر تعلم مهارات جديدة مثل كيفية حقن الأنسولين ومراقبة سكر الدم وحساب الكربوهيدرات والتعرف على أعراض ارتفاع وانخفاض السكر وكيفية التعامل معها. هذه المسؤولية قد تبدو شاقة في البداية، ولكن مع الوقت والممارسة والدعم تصبح جزءًا من الروتين اليومي.
أهمية الدعم النفسي والاجتماعي
التعايش مع حالة مزمنة تتطلب إدارة يومية دقيقة يمكن أن يكون له تأثير كبير على الصحة النفسية والعاطفية. قد يشعر المرضى بالإرهاق أو القلق بشأن المضاعفات أو الإحباط بسبب تقلبات السكر أو الشعور بالعزلة.
تشير الدراسات إلى أن مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق مقارنة بعامة السكان. لذلك فإن الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي لا يقل أهمية عن العلاج الطبي:
- دعم الأسرة والأصدقاء: يلعب الأهل والأصدقاء دورًا حيويًا في تقديم الدعم العاطفي والعملي. تفهمهم للمرض ومساعدتهم في المهام اليومية أو مجرد الاستماع يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.
- مجموعات الدعم: التواصل مع أشخاص آخرين مصابين بالسكري النوع الأول يمكن أن يكون مفيدًا للغاية. تتيح مجموعات الدعم (سواء كانت واقعية أو عبر الإنترنت) فرصة لتبادل الخبرات ومشاركة النصائح العملية والحصول على التشجيع، وتقليل الشعور بالوحدة.
- المساعدة المهنية: لا تتردد في طلب المساعدة من متخصصي الصحة النفسية (مثل الأخصائيين النفسيين أو المستشارين، أو الأخصائيين الاجتماعيين المتخصصين في الأمراض المزمنة) إذا كنت تعاني من صعوبات في التكيف أو تشعر بقلق أو اكتئاب مستمر. يمكنهم تقديم استراتيجيات وأدوات للتعامل مع التحديات العاطفية للمرض.
استراتيجيات التكيف مع المرض (Coping Strategies)
تساعد استراتيجيات التكيف الإيجابية على التعامل مع ضغوط إدارة السكري وتحسين جودة الحياة:
- التثقيف المستمر: كلما عرفت أكثر عن مرضك وكيفية عمل جسمك، كلما شعرت بقدرة أكبر على التحكم فيه. استمر في التعلم من فريقك الطبي، ومصادر موثوقة، وتجارب الآخرين.
- التركيز على ما يمكن التحكم فيه: قد تكون هناك أيام صعبة وتقلبات غير متوقعة في السكر، لكن ركز على الجوانب التي يمكنك التحكم فيها، مثل الالتزام بالعلاج واتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة.
- الواقعية والمرونة: ضع أهدافًا واقعية لإدارة السكر، ولا تلم نفسك عند حدوث أخطاء أو قراءات غير مثالية. التعلم من التجارب هو جزء من العملية.
- إدارة التوتر: يمكن أن يؤثر التوتر على مستويات السكر. تعلم تقنيات صحية للتعامل مع التوتر مثل تمارين التنفس العميق أو اليوجا، أو التأمل، أو قضاء الوقت في الهوايات الممتعة.
- الرعاية الذاتية: أعطِ الأولوية لصحتك العامة بما في ذلك الحصول على قسط كافي من النوم، وتخصيص وقت للاسترخاء والأنشطة التي تستمتع بها.
- طلب المساعدة: لا تحاول تحمل كل شيء بمفردك. اطلب المساعدة من عائلتك أو أصدقائك أو فريقك الطبي، أو مجموعات الدعم عند الحاجة.
دور التكنولوجيا المساعدة:
ساهمت التطورات التكنولوجية بشكل كبير في تسهيل إدارة السكري النوع الأول. أجهزة مثل مضخات الأنسولين وأنظمة المراقبة المستمرة للجلوكوز (CGM) توفر تحكمًا أكثر دقة ومرونة وتقلل من عبء الحقن المتعددة ووخز الأصابع المتكرر.
كما تساعد تطبيقات الهواتف الذكية المخصصة للسكري في تتبع القراءات وحساب الكربوهيدرات وتسجيل جرعات الأنسولين. هذه الأدوات - عند استخدامها بشكل صحيح - يمكن أن تحسن بشكل كبير من التحكم في السكر وتقلل من مخاطر المضاعفات، مما يساهم في تحسين نوعية الحياة. الأبحاث مستمرة لتطوير تقنيات أكثر تقدمًا مثل البنكرياس الاصطناعي بالكامل والأنسولين "الذكي" الذي يستجيب تلقائيًا لمستويات السكر.
نصائح للإدارة اليومية
- تناول جرعات الأنسولين كما وصفها الطبيب وفي الأوقات المحددة.
- فحص سكر الدم بانتظام حسب توصيات الفريق الطبي.
- اتباع خطة غذائية متوازنة وحساب الكربوهيدرات بدقة.
- جعل الحركة جزءًا من الروتين اليومي مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
- حمل بطاقة تعريفية تفيد بالإصابة بالسكري والاحتفاظ دائمًا بمصدر سريع للكربوهيدرات لعلاج نقص السكر، والتأكد من توفر حقنة جلوكاجون ومعرفة كيفية استخدامها من قبل المقربين.
- فحص القدمين يوميًا بحثًا عن أي جروح أو بثور أو تغيرات، والحفاظ على نظافتهما وجفافهما، وارتداء أحذية مريحة.
- تجنب التدخين لأنه يزيد بشكل كبير من خطر مضاعفات السكري، وخاصة أمراض القلب والأوعية الدموية.
- الحصول على اللقاحات الموصى بها مثل لقاح الإنفلونزا السنوي ولقاح المكورات الرئوية والتهاب الكبد B، لأن مرضى السكري أكثر عرضة لمضاعفات هذه الأمراض.
أهمية المتابعة الطبية المنتظمة:
السكري من النوع الأول يتطلب متابعة طبية مستمرة ومنتظمة مع فريق الرعاية الصحية (عادةً كل 3-6 أشهر). هذه الزيارات ضرورية لـ:
- مراجعة قراءات السكر ونتائج A1C وتقييم فعالية خطة العلاج الحالية.
- مناقشة أي تحديات أو صعوبات يواجهها المريض في الإدارة اليومية.
- تعديل جرعات الأنسولين أو خطة العلاج حسب الحاجة.
- إجراء الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن المضاعفات (فحص العين، فحص القدم، فحص وظائف الكلى، قياس ضغط الدم، فحص الكوليسترول).
- الحصول على الدعم والتثقيف المستمر.
إن تمكين المرضى وأسرهم من خلال التثقيف الشامل والمستمر حول المرض وكيفية إدارته بالإضافة إلى توفير شبكة دعم قوية (عائلية، اجتماعية، ومهنية) هما عاملان حاسمان في مساعدة المرضى على التكيف بنجاح مع تحديات السكري النوع الأول، وتحسين التزامهم بالعلاج، وبالتالي تحقيق نتائج صحية أفضل وجودة حياة أعلى على المدى الطويل.
الفرق بين السكري النوع الأول والسكري النوع الثاني
على الرغم من أن كلا النوعين من السكري يؤديان إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم، إلا أن السكري من النوع الأول والسكري من النوع الثاني هما حالتان مختلفتان تمامًا من حيث الأسباب والآليات وطرق العلاج وعوامل الخطر. الخلط بينهما شائع، لذا من المهم فهم الفروقات الرئيسية:
الآلية الأساسية:
- النوع الأول: ينتج عن تدمير مناعي ذاتي لخلايا بيتا في البنكرياس، مما يؤدي إلى نقص مطلق أو شبه مطلق في إنتاج الأنسولين، والجسم يهاجم نفسه.
- النوع الثاني: يبدأ عادةً بـ مقاومة الأنسولين حيث لا تستطيع خلايا الجسم استخدام الأنسولين الذي ينتجه البنكرياس بشكل فعال. ومع مرور الوقت قد يتعب البنكرياس ويقل إنتاجه للأنسولين تدريجيًا لكنه لا يتوقف تمامًا كما في النوع الأول (على الأقل في المراحل المبكرة).
الأسباب وعوامل الخطر:
- النوع الأول: الأسباب الدقيقة غير مفهومة تمامًا ولكنها تنطوي على تفاعل بين الاستعداد الوراثي وعوامل بيئية محفزة (مثل الفيروسات) تؤدي إلى هجوم مناعي ذاتي. لا يرتبط بشكل مباشر بنمط الحياة أو الوزن.
- النوع الثاني: يرتبط بقوة بعوامل نمط الحياة مثل السمنة وزيادة الوزن (خاصة دهون البطن) وقلة النشاط البدني والنظام الغذائي غير الصحي، بالإضافة إلى وجود استعداد وراثي قوي وتقدم العمر، وبعض الحالات الطبية الأخرى (مثل ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكوليسترول).
العمر عند التشخيص:
- النوع الأول: يمكن أن يحدث في أي عمر ولكنه يشخص بشكل أكثر شيوعًا لدى الأطفال والمراهقين والشباب.
- النوع الثاني: يشخص عادةً لدى البالغين فوق سن 40-45، ولكن بسبب وباء السمنة أصبح يُشخَّص بشكل متزايد لدى الشباب وحتى الأطفال والمراهقين.
ظهور الأعراض:
- النوع الأول: غالبًا ما تظهر الأعراض بشكل مفاجئ وسريع خلال أيام أو أسابيع وتكون واضحة.
- النوع الثاني: غالبًا ما تتطور الأعراض ببطء وتدريجيًا على مدى سنوات، وقد تكون خفيفة جدًا أو غير موجودة في المراحل المبكرة، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص أحيانًا.
الحالة البدنية عند التشخيص:
- النوع الأول: يكون المرضى عادةً ذوي وزن طبيعي أو حتى يعانون من فقدان الوزن غير المبرر عند التشخيص.
- النوع الثاني: يكون معظم المرضى (حوالي 80-90%) يعانون من زيادة الوزن أو السمنة عند التشخيص.
الحاجة للعلاج بالأنسولين:
- النوع الأول: العلاج بالأنسولين ضروري للحياة منذ لحظة التشخيص ولا يمكن الاستغناء عنه.
- النوع الثاني: قد يتم التحكم فيه في البداية عن طريق تغيير نمط الحياة (التغذية والرياضة) و/أو الأدوية الفموية التي تساعد على تحسين حساسية الأنسولين أو زيادة إفرازه. ومع ذلك قد يحتاج العديد من مرضى النوع الثاني إلى العلاج بالأنسولين في مراحل لاحقة من المرض مع تدهور وظيفة البنكرياس.
الحماض الكيتوني السكري (DKA):
- النوع الأول: يعتبر مضاعفة شائعة نسبيًا وقد تكون هي العرض الأول الذي يكشف عن المرض لدى البعض، خاصة الأطفال.
- النوع الثاني: أقل شيوعًا بكثير ويحدث عادةً فقط في حالات الإجهاد الفسيولوجي الشديد مثل العدوى الحادة أو الجراحة. بدلاً من ذلك قد يصاب مرضى النوع الثاني بحالة طارئة أخرى تسمى "متلازمة فرط الأسمولية وارتفاع السكر في الدم" (HHS).
الوقاية:
- النوع الأول: لا توجد طريقة معروفة حاليًا للوقاية من السكري النوع الأول.
- النوع الثاني: يمكن الوقاية منه أو تأخير ظهوره بشكل كبير لدى العديد من الأشخاص المعرضين للخطر من خلال الحفاظ على وزن صحي، واتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة النشاط البدني بانتظام.
هنا جدول يبين أهم الفروقات بين السكري من النوع الأول والنوع الثاني:
وجه المقارنة | السكري النوع الأول | السكري النوع الثاني |
---|---|---|
السبب الأساسي | تدمير مناعي ذاتي لخلايا بيتا المنتجة للأنسولين | مقاومة الأنسولين، مع انخفاض تدريجي في إفراز الأنسولين |
إنتاج الأنسولين من البنكرياس | قليل جدًا أو معدوم | قد يكون طبيعيًا أو مرتفعًا في البداية، ثم ينخفض مع الوقت |
مقاومة الأنسولين | غير موجودة عادةً | السمة الرئيسية للمرض |
العمر الشائع للتشخيص | الطفولة والمراهقة والشباب (لكن ممكن في أي عمر) | البالغون فوق 40 (لكن يتزايد لدى الشباب والأطفال) |
الوزن عند التشخيص | غالبًا وزن طبيعي أو فقدان وزن | غالبًا زيادة وزن أو سمنة |
ظهور الأعراض | غالبًا سريع وحاد | غالبًا بطيء وتدريجي، وقد يكون بدون أعراض لسنوات |
الحاجة للأنسولين | ضروري للحياة منذ التشخيص | قد لا يكون ضروريًا في البداية، لكن قد يحتاجه الكثيرون لاحقًا |
خطر الحماض الكيتوني (DKA) | شائع نسبيًا | نادر |
الوقاية | غير ممكنة حاليًا | ممكنة أو يمكن تأخيرها بتغيير نمط الحياة |
عوامل الخطر الرئيسية | وراثة، عوامل بيئية (فيروسات؟)، مناعة ذاتية | وراثة، سمنة، قلة نشاط، تقدم بالعمر، نظام غذائي غير صحي |
ختاماً
يُمثل السكري من النوع الأول تحديًا صحيًا مدى الحياة، يتطلب إدارة دقيقة ومستمرة. ومع ذلك فإن فهم طبيعة المرض والالتزام بخطة العلاج وتبني نمط حياة صحي والاستفادة من التطورات التكنولوجية والدعم المتاح يمكن أن يمكن المصابين به من عيش حياة طبيعية ومرضية.
إن مفتاح التعايش الناجح مع السكري النوع الاول يكمن في التحكم الجيد والمستمر بمستويات السكر في الدم. هذا لا يقتصر فقط على استخدام الأنسولين بشكل صحيح ومراقبة السكر بانتظام، بل يشمل أيضًا الاهتمام بالتغذية الصحية وممارسة النشاط البدني بأمان والعناية بالصحة النفسية والعاطفية. إن النهج الشمولي الذي يدمج هذه الجوانب الطبية ونمط الحياة والجوانب النفسية والاجتماعية هو الأساس لتحقيق أفضل النتائج الصحية وتقليل خطر المضاعفات على المدى الطويل.
لا شك أن رحلة التعايش مع السكري النوع الأول قد تكون مليئة بالتحديات ولكنها أيضًا رحلة للتعلم والتكيف والتمكين. إن المعرفة هي قوة فكلما زادت معرفة المريض وعائلته بالمرض وكيفية إدارته زادت قدرتهم على اتخاذ قرارات مستنيرة والشعور بالسيطرة. كما أن الدعم من العائلة والأصدقاء والفريق الطبي ومجتمع السكري يلعب دورًا حاسمًا في التغلب على الصعوبات والحفاظ على الدافعية.
يبشر المستقبل بالعديد من التطورات الواعدة في مجال علاج السكري النوع الأول. الأبحاث مستمرة لتطوير علاجات أكثر فعالية وأقل إرهاقًا مثل أنظمة البنكرياس الاصطناعي الأكثر تطورًا والأنسولين "الذكي" الذي يستجيب تلقائيًا لمستويات السكر والعلاجات التي تستهدف السبب الجذري للمرض مثل العلاج بالخلايا الجذعية أو اللقاحات المناعية. هذه التطورات تحمل الأمل في تحسين نوعية حياة المرضى بشكل أكبر وربما إيجاد علاج شافي في المستقبل.
في الختام، رسالتنا للمصابين بالسكري من النوع الأول وعائلاتهم هي رسالة أمل وتمكين. من خلال الالتزام بالإدارة الذاتية والبقاء على اطلاع بأحدث التطورات والعمل عن كثب مع فريق الرعاية الصحية والاستفادة من شبكات الدعم المتاحة، يمكنكم التحكم في مرض السكري وليس العكس والعيش حياة صحية ونشطة ومليئة بالإمكانيات.
المراجع:
[1] Mayo Clinic Staff. Type 1 diabetes. Mayo Clinic. Published March 27, 2024. Accessed April 13, 2025
[2] American Diabetes Association. Type 1 Diabetes. American Diabetes Association website. Accessed April 13, 2025.
[3] Breakthrough T1D. Type 1 Diabetes Resources. Breakthrough T1D website. Accessed April 13, 2025.
[4] National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases. Type 1 Diabetes. National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases website. Accessed April 13, 2025.
[5] American Diabetes Association. Diabetes Care. Diabetes Journals website. Accessed April 13, 2025.